الصفحات

Monday, June 27, 2016

الاتفاق الشامل المشترك يشكل تحديا لملالي طهران


التصريحات الأخيرة التي أطلقها خامنئي خلال لقائه بقادة ومسؤولي نظامه، أثبت مرة أخرى أن قضية الاتفاق الشامل المشترك تشكل تحديا متصاعدا أمام حكم الملالي. 
خامنئي يفكر على مدار الساعة سواء كان يقظا أو نائما في إلغاء الاتفاق الشامل المشترك. لأنه قد فقد تخصيب اليورانيوم والنووي الذي كان ضمانا لبقائه. وبالنتيجة فان هذا الحلم وهذا الخيال أصبح بعيد المنال. ولكن عمليا عملية الإلغاء لا يمكن القيام بها، بدليل أنه ما فقده فلا يستطيع أن يعيده. والأهم من ذلك من الناحية السياسية فان تراجع خامنئي يأتي في مسار بدأ هو نفسه اضطرارا وخضع له. لذلك انه يفكر في ذلك، ولكن ليس في قدرته ولا وسع له في تنفيذه.  


مردّ القضايا التي يثيرها خامنئي ضد الاتفاق الشامل المشترك في الأساس إلى محاولاته لإبعاد المسألة الرئيسية التي ابتلي بها بعد تجرع كأس السم النووي هو ونظامه. ما هذه المسألة الرئيسية؟ هي محاسبة شخص خامنئي على البرنامج النووي سواء قبل الاتفاق الشامل المشترك أو بعده. كل هذا البرنامج المشؤوم واللاإيراني واللاانساني للغاية – من كل الجوانب – يقف مسؤول وراءه باسم خامنئي الذي يثير الزوبعة في فنجان في خطاباته باستمرار لكي يتستر على هذه القضية الرئيسية. الأبواق الاعلامية للوبيات وسماسرة النظام والفضائيات الناطقة باللغة الفارسية التي تعمل باتجاه معين هم بدورهم يذرون الرماد في عيون الناس. المناقشات التي تثار حول البرنامج النووي والتي الكثير منها زائدة، لأن كل شيء أصبح مقضيا، ولكن السؤال هو من كان المسؤول عنه؟ وهذه هي المسألة الرئيسية التي يجب اثارته في المجتمع الإيراني. خامنئي الآن وبقصد إلهاء الناس عن المسألة الرئيسية – أي محاسبة شخص خامنئي على هذا البرنامج المشؤوم – يثير صخبا ولغطا.  

يجب التساؤل: لماذا خميني – حسب قوله – تجرع كأس سم وقف إطلاق النار في ختام الحرب الثمان سنوات؟ لماذا رضخ خامنئي في عام 2003 لفوز الملا روحاني على مرشح خامنئي – سعيد جليلي -؟ بينما كان فرق الأصوات ضئيلا جدا وكان بإمكان خامنئي أن يحيل الأمر إلى جولة ثانية مثلما فعل خامنئي نفسه في عام 2005 عندما فاز رفسنجاني في الجولة الأولى وكانت أصواته أكثر من احمدي نجاد وكروبي كما وفي الجولة الثانية اولئك الذين كانوا يحذفون كانوا سيوالون إلى رفسنجاني ولا احمدي نجاد، الا أن خامنئي، قد أخرج احمدي نجاد من صناديق الرأي في الجولة الثانية. وأصبح الجميع مذهولين، السؤال المطروح لماذا خامنئي قام بذلك في عام 2005 و لم يقم بذلك في عام 2013؟    
هنا لابد من النظر إلى الظروف الحالية التي تمر بوضع خامنئي ونظامه والفرق بين هذين العامين. كيف كان عام 2005؟ كان عاما جنى فيه خامنئي ثمرات الحرب في العراق وتجريد مجاهدي خلق من السلاح وثمرة الحرب في افغانستان، بالاضافة إلى تدفق عوائد النفط ولهذا استطاع خامنئي أعمال التزوير بسهولة فأقصى رفسنجاني بكل سمعته وأخرج احمدي نجاد الذي كان آنذاك رئيس بلدية مغمورا – رغم أصوات أقل – من صناديق الاقتراع.
اذن، الخوف هو العامل الذي أجبر خامنئي على الرضوخ اضطرارا إلى قبول الاتفاق الشامل المشترك. خوفه من الانتفاضة العارمة وخوفه من الانشقاقات داخل نظامه، الانشقاق الذي برز في الانتخابات.  كما حصل هذا في عام 2009 حيث مباشرة بعد الانتخابات دار صراع على قضية «أين صوتي؟» والمظاهرات الناجمة عنها التي سرعان ما تحولت إلى هتاف «الموت لمبدأ ولاية الفقيه» وايصال نظامه – حسب قول خامنئي – إلى حافة السقوط. هذه الخوف تسبب في أن يرضح للاتفاق الشامل المشترك. نعم الخوف من الانتفاضة والحراك. 
خامنئي وبينما كان احمدي نجاد مازال على الحكم مد يده إلى الأمريكان. وهو قال على لسانه أن أحد الرجال المحترمين في المنطقة – من عمان- جاؤوا الينا وكشفت الصحافة الأمريكية مؤخرا أن الأمر كان خلاف ذلك لأن خامنئي هو من قام بايفاد شخص إلى عمان لمد يده إلى أمريكا وقدم اقتراحا. خامنئي يكذب في هذا المجال ويفبرك الحقائق ويكتم على أنه هو قام بمد اليد إلى الأمريكان. 
وهذا هو السبب الرئيسي لرضوخ خامنئي إلى الاتفاق الشامل المشترك، هذا البرنامج الذي مني بالفشل رغم كل خسائره للنظام والان يواجه النظام خطر الانتفاضة والحراك الشعبي. وفي هذه الظروف أمامه مقاومة تتعالى أصواتها وموقعها وراح تهدد كيان خامنئي. ولذلك لجأ خامنئي إلى الاتفاق الشامل المشترك. 
لأنه ورغم رضوخه للاتفاق الشامل المشترك، مازالت تلك المخاطر والمشكلات قائمة. ليست باقية فحسب وانما قد زادت حدتها ما بعد الاتفاق النووي.
الحقيقة واضحة وصارمة أن بعد الاتفاق النووي – كما كان كثيرون يتنبأون ذلك – لم ولن يتم معالجة أية مشكلة من الاقتصاد السقيم والبنية الفاسدة للنظام الاقتصادي في إيران وما خطط له النظام. باعتقادي اذا أردنا أن نلخص المشكلة في كلمة واحدة، فانها لا تقتصر على المشكلة الاقتصادية وانما هي مشكلة سياسية. هذا النظام بحاجة إلى مخرج سياسي وسط دوامة الأزمات التي تحدق به – منها الأزمة الاقتصادية. 
من وجهة نظر النظام، يا ليته كان أزمة انكماش فقط. لو كان منكمشا لما كان خامنئي منزعجا منه، بل كان يرحب بذلك، لأن الانكماش وتجميد المجتمع والسياسة هو الخيار الوحيد الذي يمكن به ضمان دوام حكمه. وبالمناسبة ليس مجمدا، ولكن النظام قد قفل مصيره برجال من أمثال جنتي ، وهذا قفل بعمر 90 عاما مربوط بكيانه! 
في إيران لها مقاومة ثورية، لا يوجد انسداد. بل بالعكس الوضع لم يبق مقفلا حسب ما يشاء خامنئي وسياساته الانكماشية، بل الوضع في غليان. المقاومة الثورية هي فاعلة. القوى الثورية التي تنادي بإسقاط النظام هي فاعلة داخل البلاد وخارجها ومؤثرة. وهذا ما يخاف منه خامنئي. 

No comments:

Post a Comment